Ambassador عضو مبدع
الابراج : عدد المساهمات : 231 تاريخ التسجيل : 25/01/2010 العمر : 34
| موضوع: قصة إسماعيل عليه السلام ... الإثنين فبراير 08, 2010 10:35 am | |
|
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إسماعيل عليه السلام ...
هاجر إبراهيم عليه السلام الى فلسطين ومعه زوجته سارة وخادمتها هاجر اخذوا معهم انعامهم وحملوا كل ما يملكون من مال كثير وخير وفير واقام وسط اهله وعشيرته وبين الذين امنوا به كانت سارة عقيمة لا تلد وكان يحزنها ان ترى زوجها الوفى يتمنى ان ينجب اولادا ليكونوا سندا وامتدادا له وقد اصبحت هى كبيرة فى السن وعلى حال يرثى له بعد زواج 20 سنة لم تنجب له فيها فطلبت من زوجها ان يدخل بخادمتها هاجر اى يتزوجها وهى الوفية الكريمة المطيعة الامينة لعلها تنجب له ولدا وتشرق له حياتهما فوافق على رأيها وخضع لطلبها فلما حملت هاجر تعالت على سيدتها سارة فغارت سارة واشتكت الى ابراهيم فقال لها : افعلى ما شئتى وخافت هاجر فهربت وذهبت عند عين هناك فنزل لها ملك من الملائكة وقال لها : لا تخافى ان الله جاعل هذا الغلام الذى تحمليه فى احشائك خيرا وبشرها انها سوف تلد ولدا وتسميه اسماعيل ويكون من احسن الناس فشكرت الله عز وجل وعادت مرة اخرى الى البيت فلما وهبته اياها انجبت غلاما ذكيا هو اسماعيل فانتعشت نفس ابراهيم وقرت عينه وكان عمر ابراهيم وقتها 86 سنة فخر ابراهيم لله ساجدا فقال له الله : قد استجبت لك فى اسماعيل وباركت عليه وجعلته رئيسا لشعب عظيم وسوف يولد له 12 عظيم "" المقصود بـ12 عظيم هم الخلفاء الراشدين فكلهم من نسل سيدنا اسماعيل "" وشاركت سارة ابراهيم سروره وبهجته ولكن الغيرة سرعان ما دبت الى قلبها واصبحت شديدة الحزن والشجن وشديدة الاضطراب والقلق فأصبحت لا تنام ولا تأكل وتشتت فكرها وأصبحت لا تطيق النظر الى الغلام ولا تحتمل رؤية هاجر وهى الان حزينة متحسرة كئيبة لا تجد دواء لما فيها الا ابعاده وأمه عن دارها وابعادهما عن عينها ، فطلبت من زوجها ابراهيم ان يذهب بهاجر وطفلها الى ابعد الاماكن حتى لا يصل صوتهما الى سمعها ولا تراهم عينها وكان ابراهيم عليه السلام يحب سارة حبا شديدا لدينها وقربها من نفسه وجمالها الباهر فإنه قد قال انه لم تكن هناك امراءة خلقها الله بعد حواء الى ان خلق الله سارة احسن منها فخضع لارادتها وكأن الوحى قد أوحى اليه ان يطيع أمرها ويستجيب لطلبها فركب دابته واصطحب هاجر والغلام واخذ يسير حسب إرادة الله وطال السير به وامتد الطريق حتى وقف عند مكان البيت فأنزل هاجر وطفلها فى هذا المكان الفقير الذى لا يوجد فيه ماء ولا طعام صحراء جرداء وهما ضعيفان لا يملكان شىء سوى جراب فيه تمر وقليل من الماء وايمان بالله يعمر قلبهما ويملىء نفسهم ترك الدار وودعهم فى هذا المكان وذهب راجعا فجريت وراءه هاجر وتعلقت به وامسكت بملابسه وقبضت على ومام دابته وقالت له : يا إبراهيم الى أين تذهب ؟ ولمن تتركنا فى هذا الوادى المهجور "" هو مكان مكة حاليا "" حاولت ان تستعطفه واشارت الى ابنها لعله يرحمها بحقه وتتوسل اليه من اجل ابنهم ان لا يتركهم بين الجوع القاتل والعطش المميت واخذت تسأله من يحميها من الذئاب ومن يمعنها من فتك الوحوش وكيف تحتمل هى وطفلها حرارة الشمس واخذت تبكى بكاء شديد متمنية ان يرق قلبه لهم ولكنه لم يستمع اليها فقالت له : الله أمرك بهذا ؟ قال : نعم فقالت : إذن لن يضيعنا اما ابراهيم فإنه مشى من ذلك المكان وهو شديد الاشفاق والخوف ولكنه يثق فى ربه وايمانه بيه قوى جدا ولكنه كان حزينا على ابنه الذى عاش عمره يتمناه والان يفارقه ولكنه تذكر انه فى مكانه من الله ومقامه من النبوة لا بد ان يصبر على البلاء ويستسلم لقضاء الله لذلك عاد الى وطنه وتركها وحيدة هى وطفلها فى الصحراء وهو يدعو الله ان يحميهم بعنايته وقال : " ربنا إنى أسكنت من ذريتى بواد غير ذى زرع عند بيتك المحرم ، ربنا ليقيموا الصلاة فأجعل أفئدة من الناس تهوى اليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون "" اما هاجر فقد رضت بقضاء ربها وتحلت بالصبر وأكلت من حبات التمر التى معها وتشرب من الماء حتى نفذا ففرغت بطنها وجف ريقها واحتملت ذلك صابرة ولم يمر وقت طويل حتى جف لبنها وأصبحت لا تجد لبنا ترضعه الطفل او ماء يبل ريقهم واصبح شديد الجوع والعطش فبكى وانتحب وصرخ وأمه تتقطع نفسها ودموعها تنهمر عليه وودت ان تروى عطشه بدموعها !!! حاولت ان تبحث عن مخرج لها فتركته مكانه واخذت تجرى على وجهها تعدو وتهرول واخذت تبحث عن الماء والغذاء فوجدت الصفا أقرب جبل الى الارض وهو فى مكة فقامت عليه ثم استقبلت الوادى تنظر هل ترى احد فلم تجد احد فهبطت من الصفا الى ان وصلت الى اسفل الوادى رفعت طرف درعها ثم سعت سعى الانسان المرهق حتى وصلت الى الوادى ثم اتت المروة فقامت عليها ونظرت هل ترى احد فلم تجد احد وفعلت ذلك 7 مرات والطفل يصرخ ويقطع بصوته قلبها وظلت تكلم الله : رحماك يا الله ! هذا طفل جف حلقه حتى تعب من البكاء وانقطع عن الغذاء حتى فقد قوته وانا أم وحيدة لا تجد لها معين ! انه الان يضرب الارض برجله والصلد بقدميه فـرق بحاله يا الله وهذا هو ذا يضرب ويضرب فإذا بالماء ينفجر من تحت قدميه ! وان من الحجارة لما يتفجر منه الانهار ! رأت رحمة الله تحوطها وعناية ربها تظلها فجلست فاقدة القوى يقطر العرق من جبينها واسرعت على الطفل متلهفة لتروى عطشه وتبلل شفتيه بالماء فسعدت ان ترى الحياة تعود فى جسمه حتى اطمأنت عليه فسقيت نفسها فسرت فيها الحياة وذلك بفضل الله وعنايته هذه العين هى زمزم ولا زالت موجودة حتى الان ويأتى حولها الحجاج ليفوزوا بقطرة او شربة من نبع زمزم ولما نبع الماء جذب الطيور فحامت حوله وحلقت فوقه وكان قوم من جرهم يسيرون قرب المكان فرأوا الطير فى هذا المكان وانهم يعرفون ان الطيور لا تحوم الا فى المكان الذى يوجد فيه ماء فأرسلوا خادم ليرى المكان ويخبرهم ولما ذهب اليه وجد الماء فرجع يزف الى قومه البشرى
فذهبوا اليه جماعات وافراد فرأوا هاجر عند الماء فاستأذنوها فى العيش بجوارها وعاش بعضهم مع هاجر فأنست هاجر بهم واطمأنت الى جوارهم وشكرت الله ان جعل قلوب الناس تحبها هى وولادها وتحن عليهم ثم كبر اسماعيل واستقام عوده واختلط بالقوم واقترب منهم وتعلم العربية منهم ثم تزوج بواحدة منهم فوثقت الصلة بينهم ولكن الزمن قلب وقضى الله بأن تموت أمه هاجر فحزن عليها حزنا شديدا فهى الام والاب له ولم ينسى ابراهيم رغم مرور السنوات ابنه وكان يتردد عليه كل فترة ليتفقد حاله فسافر الى مكه مرة وذهب لبيت ابنه اسماعيل ولكنه لم يجده ووجد زوجته فسألها عنه فقالت له انه خرج ليشترى لها اشياء ثم شكت له من سوء حالهم وقلة عيشتهم فرأها امراءة متمردة على القدر غير راضية بما قدره الله لها ولا تصلح ان تكون زوجة لابنه فحملها السلام لاسماعيل واوصاها ان تبلغه ان يغير عتبه داره وتركها وخرج ولما جاء اسماعيل سأل زوجته فأخبرته انه جاءنا شيخ شكله كذا وكذا سألنى عنك وعن حالك ، قال : هل اوصاكى بشىء ؟ قالت : نعم قال لى انه يوصيك ان تغير عتبه دارك فقال لها : هذا أبى وقد أمرنى بفراقك فأذهبى الى بيت اهلك وطلقها وتزوج من اخرى وعاد ابراهيم بعد فترة واراد ان يطمئن نفسه على حال ابنه فذهب الى داره ولم يجد فيها الا امراءته فقالت له انه خرج ليعمل فسالها عن حالهم ففاضت بحمد ربها فقال لها : ما طعامك ؟ قالت : اللحم ، وقال : وما شرابك : قالت الماء قال لها اللهم بارك لهم فى اللحم والماء وانشرح صدره لانها وجدها شاكرة مؤمنة راضية فأمرها ان تسلم على زوجها وتوصيه ان يحافظ على عتبه داره وخرج راجعا الى بلده ولما اقبل الليل وصل اسماعيل الى بيته فأخبرته زوجته انه جاءنا شيخ جميل الشكل قد دخل بيتهم وانه سألها عن حالهم فأخبرته انهما فى خير وسعة واوصاها ان توصله السلام ويأمره ان يثبت عتبه داره فقال لها : هذا أبى وقد أمرنى الا افارقك ، فلازمها حياته وكانت ام ابنائه وبعد فترة من الوقت رأى ابراهيم فى منامه انه يؤمر بذبح ولده اسماعيل " ورؤيا الانبياء حق واحلامهم صدق "
فكيف وهو الشيخ الكبير فى السن الذى عاش طول حياته يتمنى الولد وما ان جاءه الولد حتى ابتلاه الله وامره بالبعد عنه ثم يؤمر بذبح الولد العزيز الذى هو بكره ووحيده !!!! ولكنه كان مؤمن بالله وواثق من رحمه ربه وانه كلما زاد ابتلاءه كلما على شأنه عند ربه استجاب لامر ربه فرحل الى لقاء ابنه وما ان وصل له حتى قال له : يا بنى انى ارى فى المنام انى اذبحك ، فأنظر ماذا ترى ؟ فأسرع اسماعيل بطاعة والده فقال : يا أبت افعل ما تؤمر ستجدنى ان شاء الله من الصابرين وهذا دليل على الطاعة للولد ولرب العباد وقال يا ابت شدد وثاقى واحكم رباطى حتى لا اضطرب واكشف عنى ثيابى حتى لا يصيبه شىء من دمى فينقص اجرى وتراه امى فيشتد حزنها وتفيض دموعها واسرع فى امرارها على حلقى " زورى " ليكون اهون على فإن الموت شديد وحدوثه أليم واقر السلام على امى وان ادت ان تعطيها ملابسى فأفعل فإن ذلك فيه تخفيف عنها وهى ذكرى لوليدها تشتم منه عبيره وتعود اليه حين تبحث عنى حولها فلا تجدنى وتفتش عنى فلا ترانى قال ابراهيم : ونعم العون انت يا بنى على امر الله ! ثم ضمه الى صدره واخذ يقبله وتباكيا وانتحبا ثم ربطه ابراهيم وامسك بالسكين ثم قال : الله اكبر وتشهد اسماعيل للموت ومرر السكينة على حلقه ولكنها لم تقطع !! لان قدرة الله كسرت حده السكين قال اسماعيل : يا ابت كبنى على وجهى فأنك اذا نظرت الى ادركتك رحمة تحول بينك وبين الله ، ففعل ثم وضع السكين على قفاه فلم تعمل الشفرة فأحتار ابراهيم وعاد الى الله ان يجعلله مخرجا فرحم الله ضعفه واستجاب لدعائه ونودي : " أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزى المحسنين " اى قد حصل المقصود من اختبارك وطاعتك لامر ربك ووافقت ان يكون ابنك قربان لله كما ووافقت ان يكون جسدا فى النيران من قبل فحمد الله على ما انعم عليه من دفع البلاء وان هذا لهو الاختيار الظاهر البين وفدى الله اسماعيل بكبش ابيض له عينان سوداء وسعتان وجدوه مربوط فى جبل مكه بالقرب منهم فذبحه ابراهيم وملىء الارض بدمه فكان فداء لابنه وحقنا لدمه ثم اصبح ذبح الضحايا أمرا متبعا يساهم فيه المسلمون كل عام فى ذكرى ذبح اسماعيل وشكرا لله على نعمته ثم جاء ابراهيم الى ابنه بعد فترة من الزمن ولكن هذه المرة ليس للاطمئنان على حاله وانما لامر جليل فقد امره الله ببناء الكعبة و إقامة اول بيت للناس فقابله بالقرب من زمزم وما ان رأة اسماعيل فجرى عليه وتعانق الوالد والولد وهنا اخبر ابراهيم ابنه بسر رهيب وقال لابنه :ان الله امرنى بـأمر ، قال : فأصنع ما أمرك به ربك قال : وتساعدنى ؟ قال اسماعيل : اساعدك قال : ان الله امرنى ان ابنى هنا بيت واشار الى مكان مرتفع عما حوله وفعلا جعل اسماعيل يأتى بالحجارة وابراهيم يبنى وهما يقولان " ربنا تقبل منا ان انت السميع العليم " ولم يمر وقت طويل حتى وضع الاساس وارتفع البناء وطال الجدار وقصرت يد ابراهيم ان تصل الى اعلى البناء وضعف عن ان يرفع الحجارة الى هذا العلو فقال : يا اسماعيل احضر لى حجرا اضعة تحت قدمى لعلى استطيع انهاء ما بدأت واشرف على ما بنيت فذهب اسماعيل يبحث عن حجر حتى وجد الحجر الاسود فقدمه الى ابيه فقام ابراهيم عليه وصار يبنى واسماعيل يناوله وكلما كملت ناحية انتقل الى الاخرى وهكذا حتى تم بناء البيت الذى جعله الله مثابة للناس تشتاق اليه ارواحهم وتحن اليه قلوبهم استجابة لدعاء ابراهيم اذ قال : " فأجعل أفئدة الناس تهوى إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون "
***
آمين يارب العالمين
| |
|