عندما عرج بالنبي صلى الله عليه وسلم في ليلة الإسراء والمعراج إلى السماء ،
ومن بين ما رآه صلى الله عليه وسلم في تلك الليلة قال : رأيت ملكا عظيم الخلقة
والمنظر قد بلغت قدماه تخوم الأرض السابعة ورأسه تحت العرش وهو جالس على كرسي
من نور والملائكة بين يديه وعن يمينه وعن شماله ينتظرون أمر الله تعالى عز وجل
وعن يمينه لوح وعن شماله شجرة عظيمة إلا أنه لم يضحك أبدا فقلت يا أخي يا جبريل
من هذا ؟ قال جبريل : هذا هاذم اللذات ومفرق الجماعات ومخرب البيوت والدور
ومعمر القبور وميتم الأطفال ومرمل النساء ومفجع الأحباب ومغلق الأبواب ومسود
الأعتاب وخاطف الشباب هذا ملك الموت عزرائيل فهو ومالك الخازن النار لا يضحكان
أبدا ادن منه وسلم عليه فدنوت منه وسلمت عليه فلم يرد السلام فقال له لم لم ترد
السلام على سيد الخلق وحبيب الحق فلما سمع كلام جبريل وثب قائما ورد السلام
وهنأني بالكرامة من ربي وقال أبشر يا محمد فان الخير فيك وفي أمتك إلى يوم
القيامة فقلت يا أخي يا عزرائيل هذا مقامك ؟ قال نعم منذ خلقني ربي إلى قيام
الساعة ، فقلت كيف تقبض الأرواح وأنت في مكانك هذا ؟ قال إن الله أمكنني من ذلك
وسخر لي من الملائكة خمسة ألاف أفرقهم في الأرض فإذا بلغ العبد أجله واستوفي
رزقه وانقضت مدة حياته أرسلت له أربعين ملكا يعالجون روحه فينزعوها من العروق
والعصب واللحم والدم ويقبضونها من ررؤس أظافره حتى تصل إلى الركب ثم يريحون
الميت ساعة ثم يجذبونها إلى السرة ثم يريحونه ساعة ثم يجذبونها إلى الحلقوم
فتقع في الغرغرة فأتنا ولها وأسلها كما نسل الشعرة من العجين فإذا انفصلت من
الجسد جمدت العينان وشخصتا لأنهما يتبعان الروح فأقبضها بإحدى حربتي هاتين وإذا
بيده حربة من النور وحربة سخط فالروح الطيبة يقبضها بحربة النور ويرسلها إلى
عليين والروح الخبيثة يقبضها بحربة السخط ويرسلها إلى سجين وهي صخرة سوداء
مدلهمة تحت الأرض السابعة السفلى فيها أرواح الكفار والفجار قلت وكيف تعرف حضر
أجل العبد أم لم يحضر قال يا محمد ما من عبد إلا وله في السماء بابان باب ينزل
منه رزقه و باب يصعد إليه عمله وهذه الشجرة التي عن يساري ما عليها ورقة إلا
عليها اسم واحد من بني آدم ذكورا وإناثا فإذا قرب أجل الشخص اصفرت الورقة التي
كتب عليها اسمه وتسقط على الباب الذي ينزل منه رزقه ويسود اسمه في اللوح فأعلم
أنه مقبوض فأنظر إليه نظرة يرتعد منها جسده ويتوعك قلبه من هيبتي فيقع في
الفراش فأرسل إليه أربعين من الملائكة يعالجون روحه وذلك قوله تعالي : ( حتى
إذا جاءأحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون ) قلت يا أخي يا عزرائيل أرني صورتك
التي خلقك الله عليها وتقبض فيها الأرواح قال يا حبيبي لا تستطع النظر إليها
فقلت أقسمت عليك إلا فعلت وإذا بالنداء من العلي الاعالي لا تخالف حبيبي محمدا،
فعند ذلك تجلى ملك الموت في الصورة التي يقبض فيها الأرواح قال النبي صلى الله
عليه وسلم فلما نظر ملك الموت إلي وجدت الدنيا بين يديه كالدرهم بين يدي أحدكم
يقلبه كيف يشاء ارتعد قلبي ورجف منه فوضع جبريل يده على صدري فرجعت روحي إلي
وعقلي فقال جبريل يا محمد ما بعد القبر إلا ظلمة القبر ووحشته وسؤال منكر ونكير
قال النبي صلى الله عليه وسلم فودعته .